قصة ليلٌ مُظلم وفرصة غامضة تتحدث عن شخص اضطر للعمل في مصنع مهجور ليلاً, ليواجه الكثير من التحديات النفسية, قراءة ممتعة :
كان محمد يعيش حياة هادئة ومستقرة، يعمل في إحدى الشركات الكبيرة لسنوات طويلة، حيث كان يثق في استقراره المالي. لكن، في صباح أحد الأيام، تلقى مكالمة هاتفية غير متوقعة من مديره، أخبره فيها أن الشركة قررت الاستغناء عن خدماته بسبب تقليصات في التكاليف. شعر محمد بصدمة كبيرة، فقد كان يعتمد على هذه الوظيفة لإعالة أسرته.
بدأ محمد رحلة البحث عن وظيفة جديدة على الفور، وبعد أسابيع من البحث المضني والتقديم للعديد من الوظائف دون جدوى، وجد إعلانًا غريبًا في جريدة محلية. كان الإعلان عن وظيفة ليلية براتب ضخم في أحد المصانع المهجورة. رغم التحذيرات والقصص المخيفة التي سمعها عن هذا المصنع، إلا أن محمد لم يكن لديه خيار آخر سوى قبول الوظيفة لسد احتياجات أسرته.
الليلة الأولى في المصنع
في الليلة الأولى لوظيفته الجديدة، وصل محمد إلى المصنع في منتصف الليل, كان الظلام يلف المكان، وكان المصنع يبدو أكثر رهبة مما تخيل. كانت وظيفته تتطلب منه حراسة البوابة الرئيسية للمصنع، حيث كان المكان مهجورًا منذ سنوات.
بمجرد وصوله، بدأت الأقاويل المرعبة التي سمعها تتردد في ذهنه. تذكر شخصًا قال أنه رأى دماءاً في المكان، وآخر أنه سمع صراخًا يصدر من أحد الغرف. حاول محمد تجاهل هذه الأقاويل، لكن التوتر والخوف كانا يتسللان إلى قلبه.
مواجهة الغموض
في الليلة الأولى، تجول محمد حول البوابة، محاولًا تأمين المكان. سمع أصواتًا غريبة، لكن لم يرَ شيئًا. كانت الأضواء الخافتة تضفي جوًا من الرهبة على المصنع المهجور. أثناء دوريته، سمع صراخًا مروعًا يأتي من أعماق المصنع. تجمد في مكانه، محاولًا تحديد مصدر الصوت. كان الصراخ يزداد قوة وغموضًا، مما جعله يشعر بأنه ليس وحيداً في هذا المكان. قرر محمد الإتصال بمديره كنان لإبلاغه بما يحدث، لكن هاتفه المحمول لم يكن به إشارة في هذا المكان المعزول.
لم يكن لدى محمد خيار سوى البقاء حتى انتهاء مناوبته. حاول أن يبقى هادئًا، لكنه كان متيقنًا أن هناك شيئًا غامضًا يحدث في هذا المصنع المهجور. أصبح السؤال الذي يتردد في ذهنه: لماذا يريد صاحب المصنع أن يوظف حارسًا للمصنع بينما هذا المصنع مهجور ولا فائدة منه؟ تيقن أن هناك شيئًا غامضًا يحدث في هذا المصنع.
يوم العمل الثاني
قرر محمد في يوم العمل الثاني أن يلتزم بالعمل المطلوب منه وهو حراسة البوابة الرئيسية. كان الخوف يسيطر عليه، لكن تذكر نصيحة صديقه له وهو التركيز على أمور أخرى كي لا يفكر في هذه الأمور المرعبة التي تحدث في المصنع. سمع أصوات صراخ لكنه أصر على تجاهلها وبقي يحرس البوابة الرئيسية كما طلب منه.
يوم العمل الثالث
في يوم العمل الثالث، وبينما كان محمد يحرس المصنع، رأى من بعيد سيارة مسرعة تقترب من المصنع. أصيب محمد بالخوف لأنه يعلم أن الوقت حينها كان متأخرًا وقدوم أحد الى المصنع في هذا الوقت كان مريباً. وقفت السيارة عند بوابة المصنع ونزل منها رجل قوي البنية وقال انه على معرفة بصاحب المصنع وانه يريد احضار بعض الأوراق الهامة التي نسيها في المصنع صباحاً.
ومما زاد من شكوك محمد, عندما سأله الرجل عن اسمه وعن مكان وجود هذه الأوراق كان يتلعثم في كلامه ويعجز عن تقديم إجابات مقنعة. قرر محمد عدم السماح له بالدخول وطلب منه العودة في اليوم التالي ليتمكن من سؤال صاحب المصنع عن هذا الأمر.
صباح اليوم الرابع للعمل
تلقى محمد مكالمة من كنان، صاحب العمل، قال له فيها أنه يريد رؤيته للتحدث في أمر مهم وعليه أن يأتي حالًا لمكتبه. ذهب محمد إلى مكتب كنان ولكنه كان خائفاً من أنه سوف يطرد من العمل بسبب ذلك الرجل الذي منعه من دخول المصنع.
وصل محمد الى مكان الاجتماع والقلق يتسرب الى نفسه, وبينما كان يفكر في ذلك الشخص الذي منعه من الدخول، تكلم كنان وقال له: “أحسنت يا محمد، بصراحة لم أتوقع من أحد أن يتحمل ضغط العمل في ذلك المكان الموحش ليلًا” وأكمل: “أريد اليوم أن أعترف لك بكل شيء حول هذا المصنع والأمور الغامضة التي تحدث به.
أولًا، هذا المصنع لوالدي، وما لا تعرفه عن هذا المصنع أن الجزء الخلفي منه هو عبارة عن منزل لعائلتي.
قد تكون سمعت أصوات صراخ وهذا صحيح لأن الصراخ هذا يصدر من منزل عائلتي, حيث أن لي أخًا يصاب بنوبات صرع، لذلك تسمع أصوات صراخ ليلًا. كذلك الدماء التي قال أحدهم أنه رآها كانت لأخي، حيث أنه أصيب بنوبة صرع فسقط على الأرض وأصيبت قدمه. أما بالنسبة للرجل الذي أتاك البارحة يريد دخول المصنع، فهذا شخص أرسلته أنا لكي أختبرك هل ستسمح له بالدخول أم ستمنعه كما طلبت منك سابقًا.
فتبين لي أنك رجل شجاع وتستحق وظيفتك هذه, لأن كثيرًا من الأشخاص قبلك كان يسيطر عليهم الخوف أو كانوا لا يلتزمون بأوامري في العمل. لذلك، وبدءًا من هذا اليوم، سوف أقوم بزيادة راتبك لأنك كنت شخصًا شجاعًا وحكيمًا وتستحق التقدير ولن اتخلى عنك مطلقاً.
الدروس المستفادة
1. الشجاعة في مواجهة المجهول
- محمد كان مضطرًا لقبول وظيفة في مصنع مهجور رغم الأقاويل المرعبة حوله. تحلى بالشجاعة لمواجهة المخاوف والقيام بعمله على أكمل وجه، مما أظهر أهمية الشجاعة في مواجهة المواقف الغامضة والمرعبة.
2. الالتزام بالمسؤولية
- التزم محمد بواجبه في حراسة المصنع رغم المخاوف والأصوات الغريبة. أظهر هذا أهمية الالتزام بالمسؤوليات الموكلة إلينا، حتى في أصعب الظروف.
3. التفكير النقدي والتحقق
- عندما واجه الرجل المريب في الليلة الثالثة، استخدم محمد التفكير النقدي ولم يسمح له بالدخول حتى يتحقق من هويته. هذا يبرز أهمية التحقق من المعلومات وعدم اتخاذ القرارات بناءً على الكلام فقط.
4. الاستماع للنصائح الجيدة
- محمد تذكر نصيحة صديقه بالتركيز على أمور أخرى لتجنب الخوف. أظهر هذا أهمية الاستماع للنصائح الجيدة واستخدامها لتجاوز المواقف الصعبة.
5. التواصل مع أصحاب العمل
- محمد لم يتردد في التواصل مع صاحب العمل عندما شعر بالقلق، مما يعكس أهمية التواصل المفتوح والشفاف مع المديرين وأصحاب العمل لضمان وضوح الأدوار والمسؤوليات.
6. الفهم والرحمة تجاه الآخرين
- بعد معرفته بحقيقة الأصوات والدماء التي كانت تصدر بسبب شقيق كنان المصاب بنوبات صرع، تعلم محمد درسًا مهمًا عن الفهم والرحمة تجاه معاناة الآخرين.
7. العمل الجاد والتفاني يؤديان إلى التقدير
- بفضل شجاعته والتزامه، حصل محمد على زيادة في راتبه وتقدير من صاحب العمل. هذا يوضح أن العمل الجاد والتفاني في أداء المهام يمكن أن يؤديان إلى التقدير والمكافأة.
قصة أصحاب الأخدود